
تقديم
هناك حقائق لا تحصى ولا تعد يجهلها البشر بخصوص الشيطان وخطته المحكمة ، وعلاقته كطرف فاعل في حقيقة الملكين هاروت وماروت ، الركيزة والقاعدة في كل اهوال الدنبا ولن تتخيلوا سر الألغاز الكونية والظواهر الخارقة حتى تطلعوا على هذا البيان المركز والجامع لكل المحاور التي تتضمنها كل التساؤلات العالقة لدينا ، المجيب عليها من بؤرة الأحداث ، من كتاب الله الذي لم يترك مثقال ذرة واحدة الا وأحصاها ، ولكن لابد من التفكر ولابد من خبير يستطيع رفع الحجب عن كل المعاني المرموزة التي لم يستطع المفسرين والعلماء والفقهاء وسائر الباحثين أن يجدوا من خلالها مربط الفرس ، فكونوا من الشاكرين يا معشر الناس حيث حصحص الحق كي يزيل عنا غشاوة الضلال على يد امام الأمة الموعود خبير الرحمن ، وهو لم يجتهد بمنطق التأويل أو بأحكام القياس أبدا ، انها فتوى مباشرة من كتابه العزيز حتى لا تكون هناك حجة على المكذبين ويكون معيار قوي ومتين مرتبط بكلام الله المنزه عن التحريف .
بسم الله الرحمن الرحيم وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
وإنما الاسم هاروت أحد أسماء الشيطان بالكتاب وهو ذاته إبليس واتبع الملك ماروت، لأن ماروت كان الخليفة البدل من بعد آدم وسرعان ما وقع في الفتنة بسبب الشهوة التي أوجدها الله فيه بعد أن حوله إلى إنسان ولكنه كان من الملائكة، ويزعم أن لو اصطفاه الله خليفةً فإنُه لن يفسد في الأرض أبداً؛ بل هو كان من أشد المستنكرين كيف يصطفي الله آدم خليفة؟ ويرى أنه أولى من آدم.
فهو من الملائكة خلقه الله من نور ثم جعله الله بشراً وكان من الملائكة وسرعان ما اتّبع هواه، وللأسف يئس من رحمة الله ثم أتبعه الشيطان ودعاه إلى الكفر والانضمام معه ثم كفر بالله. وقال الله تعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿١٧٥﴾ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿١٧٦﴾ سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴿١٧٧﴾ مَن يَهْدِ اللَّـهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿١٧٨﴾وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَـٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴿١٧٩﴾}
صدق الله العظيم [الأعراف]
وهاذان الاثنان في النّار هاروت وقبيله ماروت. تصديقاً لقول الله تعالى:
{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦﴾فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴿١٧﴾}
صدق الله العظيم [الحشر]
وذريتهم يأجوج ومأجوج بالإضافة إلى ذريةٍ بينهم هجينٌ أمهاتُهم من ذرّيات الملك هاروت وهو الشيطان وآباؤهم من شياطين البشر لديكم، وهؤلاء الصنفين شياطين الإنس والجنّ يعملون على إضلال الإنس والجنّ بالأرض ذات المشرقين، وكانوا يصدقونهم بظنّهم أن لن يجرؤوا على الكذب على الله ولذلك كانوا يصدقونهم، ولم يكشف لهم حقيقتهم إلا القرآن العظيم وقبل أن يسمعوه كانوا يصدقونهم ولذلك قالوا:
{وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا ﴿٥﴾}
صدق الله العظيم [الجن]
بمعنى أن الجنّ كانوا يصدقون صنفاً آخر وهم شياطين الجنّ وشياطين الإنس وكان يصدقهم الإنسُ والجنُّ بظنّهم أنهم لن يجرؤوا أن يقولوا على الله كذباً، وكذلك كان يصدقهم صنف من الإنس وهم من ذرية ماروت ويعبدون الشياطين من دون الله فزادوهم رهقاً.
المهم لدينا في الأرض ذات المشرقين ما يلي:
1- عالم الجنّ الشياطين، وأباهم هو ملك كان من الجنّ وهو الملك هاروت.
2- وعالم الإنس كان أبوهم من الملائكة، وهو الملك ماروت فصار إنسان وذريته يعبدون الشياطين.
3- وعالم آخر شياطين البشر ذريات أناس منكم وأمهاتهم إناث الشياطين ولكن آباءهم منكم من شياطين البشر، وقد استكثروا إناث الشياطين من ذريات الإنس. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِى أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}
[الأنعام:128]
والملك ماروت هو الإنسان الذي قال له الشيطان أكفر فكفر، وليس المقصود به آدم بل خليفة من بعد آدم، وإنما جعله الله إنساناً ذا شهوة واتبع هواه بادئ الأمر ثم أتبعه الشيطان ودعاه إلى الكفر وخدعه بأن الله لن يغفر له فيئس من رحمة الله، وذلك هو المقصود من قول الله تعالى:
{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦﴾فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴿١٧﴾}
صدق الله العظيم [الحشر]
ولذلك تجدون الآية بالمثنى أولئك هم الملك هاروت وماروت وذريتهم يأجوج ومأجوج وخليط منكم أمهاتهم من إناث الشياطين وآباؤهم من البشر من هذا العالم لديكم الذين ترونهم كذلك يفسدون في الأرض ولا يرقبوا في مؤمن إلاً ولا ذمةً. والملك ماروت من ذريته مأجوج بالأرض ذات المشرقين وهم بشر وهم المقصدون بقول الله تعالى:
صدق الله العظيم [الحشر]
ولذلك تجدون الآية بالمثنى أولئك هم الملك هاروت وماروت وذريتهم يأجوج ومأجوج وخليط منكم أمهاتهم من إناث الشياطين وآباؤهم من البشر من هذا العالم لديكم الذين ترونهم كذلك يفسدون في الأرض ولا يرقبوا في مؤمن إلاً ولا ذمةً. والملك ماروت من ذريته مأجوج بالأرض ذات المشرقين وهم بشر وهم المقصدون بقول الله تعالى:
{وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا}
صدق الله العظيم [الجن:7]
وللأسف يعبدون الشياطين من دون الله تصديقاً لقول الله تعالى عم قاله الجنّ عن أخبار عالم الأرض ذات المشرقين الذين استمعوا للقرآن:
{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴿٦﴾ وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّـهُ أَحَدًا ﴿٧﴾}
صدق الله العظيم [الجن]
وكان مكرهم الأول أن أحدهم يقول أنه الله، والآخر المسيح ابن الله، ولكن الجنّ اكتشفت هذه الحقيقة يوم استمعوا للقرآن ولذلك قالوا:
{وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ﴿٣﴾ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّـهِ شَطَطًا ﴿٤﴾ وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا﴿٥﴾}
صدق الله العظيم [الجن]
ويقصدون بسفيههم هو الشيطان الذي ادّعى الربوبيّة واتخذ صاحبةً وولداً، ولكن الجنّ لا يعلمون مطلقاً بنبي الله المسيح عيسى ابن مريم صلى الله عليه وآله وسلّم، وأجري عليه تكتيم كامل من الشيطان وقبيله عن المسيح عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وآله وسلم، وذلك حتى لا يُكتشف أمر مكرهم في فتنة المسيح الكذاب والذي سوف يقول أنه المسيح عيسى ابن مريم وهو كذاب ولذلك يسمى المسيح الكذاب.
لأن الشيطان يريد أن يقول أنه المسيح عيسى ابن مريم ويدعي الربوبيّة، وأجرى تكتيم كامل عن عوالم الأرض ذات المشرقين عن بعث المسيح عيسى ابن مريم الحق - صلّى الله عليه وآله وسلّم - لدرجة أنّ الجنّ كانوا يظنون أنّ محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ابتعثه الله من بعد نبي الله موسى، فهم لا يعلمون أن الله ابتعث محمداً رسول الله من بعد عيسى، ولذلك قصَّ الله لنا ما قاله الجنُّ لقومهم. وقال الله تعالى:
{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ﴿٢٩﴾ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ﴿٣٠﴾}
صدق الله العظيم [الأحقاف]
ولله حكمة من ذلك أن أخبرنا أن الجنّ لا يعلمون أن القرآن أنزل من بعد عيسى، ومن ثم علمنا بمكر الشيطان الرجيم وخطته المستقبلية بإذن الله، وسوف أفشل مكره بإذن الله جميعاً، وأعلمُ من الله مالا تعلمون.
واعلموا أن عوالم الأرض ذات المشرقين صنف منهم من الإنس كان أباهم من الملائكة، وصنف هجين إنس أمهاتهم من ذريات الشياطين وآباؤهم من شياطين البشر لديكم، وهم يعلمون ما يفعلون مع إناث الشياطين، أولئك الذين غيروا خلق الله طاعة لأمر الشيطان ويعبدون بنات إبليس من دون الله. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿١١٦﴾ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا ﴿١١٧﴾ لَّعَنَهُ اللَّـهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴿١١٨﴾}
صدق الله العظيم [النساء]
فأولئك نصيب الشيطان منكم يعبدون الطاغوت من دون الله وهم يعلمون، وذرياتهم يضلون الجنّ والإنس بالأرض ذات المشرقين ويفترون على الله بغير الحق وهم يعلمون، وكانت الجنّ تصدقهم بظنٍّ منهم أنه لن يتجرأ بالكذب على الله أحد كما يكذب عليكم آباؤهم هاهنا، وأضلوكم عن الصراط المُستقيم ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون.
فهل فهمت الخبر وبيان المهدي المنتظر للذكر أيها الباحث عن الحق المُحترم؟ نوّر الله قلبك وطهرك وبصرك بالحقّ وثبتك على الصراط المُستقيم، وأحيطكم علماً أن لو يشاء الله لجعل منكم أنتم ملائكة في الأرض يخلفون، تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ}صدق الله العظيم [الزخرف:60]
وسلامٌ على المُرسلين والحمد لله رب العالمين..
الإمام ناصر محمد اليماني.
____________________
0 التعليقات:
إرسال تعليق